تغيرت الدراما السورية بشكل كبير بعد الحرب – مقابلة حصرية مع المخرج والممثل السوري ماهر صليبي

يقول المخرج والممثل ماهر صليبي. لطالما شاهدته على التلفاز، أذكر عائلتي تنتظر وقت عرض مسلسلاته مثل الولادة من الخاصرة والعراب لمشاهدته، كنت أتحدث عن أعماله التي شاهدتها مع زملائي وتدور الأيام وها أنا أجلس معه على نفس الطاولة في مارينا، دبي.

مع الممثل السوري القدير ماهر صليبي أسأله عن أعماله، حبه للتمثيل والإخراج وغيرها من المواضيع. في الحقيقة بعد لقائي معه، شعرت أني قابلت وطني سوريا شخصيًا، وما أجمل أن تقابل من يشبه وطنك ولو بعد طول غياب. مقتطفات من المقابلة…

 

هل ترى أن الدراما السورية تغيرت؟ وكيف ترى هذا التغيير بشكل عام؟

في الحقيقة، الدراما السورية موضوع نستطيع التحدث عنه بشكل واسع، خصوصًا بعد مرور عشر سنوات من الحرب. قبل الحرب، كان للدراما السورية رونق وحضور خاص، وليس على مستوى سوريا فقط، بل على مستوى الوطن العربي بشكل عام. بل وحتى على مستوى العالم، وأقصد بهذا الجاليات العربية المنتشرة في العالم التي تُتابع مسلسلاتنا. ولكن كما يبدو، فإن تأثير الحرب كان واضحًا بالفعل على الدراما السورية، حتى أن المحطات التلفزيونية بشكل عام، لم تعد تستقبل وتعرض أعمال سورية بحتة، بل يرغبون عملًا يتضمن لمسة سورية، كوجود ممثل سوري أو مخرج سوري أو كاتب سوري على سبيل المثال. وهنا يتجسد قول “مصائبُ قوم عند قوم فوائد” عندما بدأوا باختيار أسماء سورية في أعمال درامية أخرى، ساعد هذا بشكلٍ أو بآخر دعم العمل، حتى العمل يُحقق متابعة ونجاحات أكبر. ولكن، ما أرغب بقوله في النهاية أن المسلسل السوري ظُلم، ذلك المسلسل الذي كان يسلط الضوء على القضايا الإنسانية والاجتماعية، وعِوضًا أن يكون هو الأساس أصبح في المرتبة الثالثة أو الرابعة وهذا ما أنتج أعمال سورية متواضعة.

 

شاركت في الكثير من الأفلام والمسلسلات، أي موقع تصوير تُفضل؟

مواقع التصوير كلها جميلة ولها جوها الممتع، السينما لها نكهة خاصة، والتلفزيون له نكهته، ولكن إذا أردنا أن نتحدث عن ذاكرة السينما والتلفزيون، ذاكرة التلفزيون قصيرة ليس لها بعد أرشيفي كبير كالسينما. عندما تخرجنا من المعهد، سعينا لنحصل على دور في فيلم، لأنه يبقى في الأرشيف ويتنقل من مهرجانٍ إلى آخر. ولكن، مع التطور الذي نشهده على المحطات التلفزيونية والمنصات، أصبح للمسلسل مكانة كبيرة في الأرشيف. كما أصبحت الشركات المنتجة مهتمة بالعمل على المسلسلات التلفزيونية طالما أن محتوى المسلسل نفسه قوي. ما يميز التصوير للفيلم، هو أن الممثل يستطيع أن يأخذ وقته في التمثيل، وبالتالي يستطيع أن يُقدم كل ما لديه من أجل الدور، الوقت لصالح الممثل، أما بالتلفزيون فعجلة التصوير سريعة، قد يصل عدد المشاهد التي يُمثلها الممثل في اليوم الواحد إلى عشرة مشاهد أو أكثر، ونتيجة هذه السرعة، قد يسهى الممثل عن بعض التفاصيل ولا يسعفه الوقت لتحقيقها. للاثنان متعة كبيرة، ولكن للسبب الذي ذكرته الآن فإن متعة السينما أكبر.

 

إذًا فأنت تميل بالأكثر إلى السينما؟

نعم أميل لها إلا أنني أحب الأعمال التلفزيونية كثيرًا. فشاركت في عدة أعمال وأخرجت بعضها.

 

هل يوجد أي عمل رغبت بالتمثيل فيه ولكن لم تسنح الفرصة؟

يوجد أكثر من عمل في الحقيقة، بعضها عُرض علي ولكنني رفضت المشاركة فيها، إلا أنني ندمت لاحقًا. مثل مسلسل “التغريبة الفلسطينية” للمخرج الراحل حاتم علي، في ذلك الوقت كنت مشارك في مسلسل “عائد إلى حيفا” وهو أيضًا عمل فلسطيني، شعرت أن العملين يتحدثان عن فلسطين، ودوري في “عائد إلى حيفا” كان أكبر. وعندما شاهدت “التغريبة الفلسطينية” شعرت بأنه كان يجب علي المشاركة بهذا العمل الذي دخل إلى وجدان الإنسان العربي، فهو يسلط الضوء على قضية وُلدنا ونحن نتابعها.

 

ما هو أكثر عمل شكل تحدي بالنسبة لك؟

بالنسبة للممثل، أي دور يكون تحدي بحد ذاته. فما أن يُعرض عليه الدور، حتى يبدأ بالتساؤل والتخطيط لكيفية تقديم الدور بأفضل طريقة ممكنة، ومن هنا ينبع التحدي. أعمالنا لا تشبه على سبيل المثال الفيلم العالمي “الجوكر” فدور الشخصية يُقدم للممثل قبل بسنة من تاريخ بدأ التصوير، وقد يطلب المخرج من الممثل أن يزيد أو يُنقص وزنه، كما يحتاج الممثل فترة من الوقت ليُدرس الشخصية ويتعمق فيها. أعمالنا السينمائية والتلفزيونية لا تتضمن هذا النوع من التحديات، إلا أنني أرغب بخوض تحدي كهذا يومًا ما. في مسلسل “على حافة الهاوية” كنت أقوم بدور شخص مُصاب بمرض نفسي، رغم أن مشاهدي لم تكن بالكثيرة، إلا أنني استغرقت الكثير من الوقت تحضيرًا لنفسي، من طريقة الكلام والحركة وحتى نظرة العيون. هذا واحد من الأدوار التي ترك أثرًا كبيرًا عند الناس.

 

أخبرنا عن أكثر الأدوار التي قمت بها وأحببتها؟

عدّة أدوار حقيقة، من مسلسل “شجرة النارنج” إلى “الفوارس” وصولاً إلى المقدم فايز من مسلسل “الولادة من الخاصرة”. عندما قرأت النص أحببته كثيرًا، حتى أنني بدأت التصوير دون أن أوقع العقد. كنت أركز على تقديم هذه الشخصية بطريقة إيجابية رغم أنها جزء من مؤسسة تعمها الفساد، اعتمدت على تبني الشخصية وصدقيني، كل المشاهد التي قدمتها كانت من قلبي.

 

قمت بإخراج ثلاثة أعمال تلفزيونية طويلة، أيها أحببت أكثر، أن تكون أمام الكاميرا أم خلفها؟

أرى التمثيل والإخراج وجهان لعملة واحدة، ولكن كمخرج، تكون صاحب العمل وصاحب الرسالة. في التمثيل، تكون أشبه بناقل لهذه الرسالة. لكل منهما متعة خاصة، إلا أنني أميل للإخراج أكثر، فأنا أقوم بتقديم عمل بكل تفاصيله ومشاكله. التمثيل يمنحك الحضور الدائم، والإخراج قد يجعلك تغيب عن الساحة قليلًا. وأنا لا أمزج بين العملين، فعلى سبيل المثال، إن كنت مشارك في عمل كممثل، لا أتدخل بعمل المخرج ولا بأي شكل من الأشكال.

 

أخبرنا عن فيلم خورفكان

سُعدت جدًا اختيارهم لي للمشاركة في هذا الفيلم الاماراتي العالمي بدور قائد برتغالي، أُتيحت لي الفرصة أن أتعرف على تاريخ دولة اخترت أن أعيش فيها. فريق العمل الذي نفذ العمل هو فريق بريطاني، ستشعرين أن هناك لمسة عالمية أضيفت للعمل، وكل من شاهد العمل سيوافقني الرأي. التمثيل والديكور والأزياء كان مدروساً بشكل جيد وظهر بمستوى رائع، والخدع البصرية كانت على مستوى عالي أيضًا.

 

هل تُفضل أن يكون للعمل إيرادات عالية أم حصوله على جوائز؟

ولم ليس الاثنان؟ توجد الكثير من الأفلام التي كانت ذو إنتاج قوي وحصلت على جوائز كبيرة وأفلام ذات ميزانية منخفضة إلا أنها تسلط الضوء على قضايا قوية. أنا مع الإنتاج القوي، مُشاهد اليوم هو مُشاهد ذكي، ولن تستطيع إقناعه بالقليل. كما أن الإنتاج القوي وحده لا يكفي بل المحتوى القوي أيضًا هو ضروري.

 

ما هي نصيحتك لأي شخص مُقبل لعالم التمثيل والإخراج؟

أحبوا عملكم، هذا العمل ليس مصدر دخل فقط، فما إن أصبحت تُفكر في هذه الطريقة، فإن الحس الإبداعي سيموت. عليك أن تحب الشخصيات التي تقوم بها وأن تتنوع بأعمالك، أما الإخراج، فأنا أنصحهم بالثقافة، ودائمًا أن يواكبوا التطور وما يحدث في العالم.

 

 

 

 

 

 

 

 

For media, advertising and events, contact us at mayur.panchal@starzmediainc.com / aakanksha.naval@starzmediainc.com

Follow us on